 |
(حم) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة. |
 |
أقسم الله تعالى بالقرآن الواضح لفظًا ومعنى. |
 |
إنَّا أنزلنا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم بلسان العرب؛ لعلكم تفهمون، وتتدبرون معانيه وحججه. وإنه في اللوح المحفوظ لدينا لعليٌّ في قَدْره وشرفه، محكم لا اختلاف فيه ولا تناقض. |
 |
|
 |
أفنُعْرِض عنكم، ونترك إنزال القرآن إليكم لأجل إعراضكم وعدم انقيادكم، وإسرافكم في عدم الإيمان به؟ |
 |
كثيرًا من الأنبياء أرسلنا في القرون الأولى التي مضت قبل قومك أيها النبي. وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون كاستهزاء قومك بك، فأهلكنا مَن كذَّبوا رسلنا، وكانوا أشد قوة وبأسًا من قومك يا محمد، ومضت عقوبة الأولين بأن أهلِكوا؛ بسبب كفرهم وطغيانهم واستهزائهم بأنبيائهم. وفي هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم. |
 |
|
 |
|
 |
ولئن سألت -أيها الرسول- هؤلاء المشركين من قومك مَن خلق السموات والأرض؟ ليقولُنَّ: خلقهنَّ العزيز في سلطانه، العليم بهن وما فيهن من الأشياء، لا يخفى عليه شيء. |
 |
الذي جعل لكم الأرض فراشًا وبساطًا، وسهَّل لكم فيها طرقًا لمعاشكم ومتاجركم؛ لكي تهتدوا بتلك السبل إلى مصالحكم الدينية والدنيوية. |
 |
والذي نزل من السماء مطرًا بقدر، ليس طوفانًا مغرقًا ولا قاصرًا عن الحاجة؛ حتى يكون معاشًا لكم ولأنعامكم، فأحيينا بالماء بلدة مُقْفِرَة من النبات، كما أخرجنا بهذا الماء الذي نزلناه من السماء من هذه البلدة الميتة النبات والزرع، تُخْرَجون- أيها الناس- من قبوركم بعد فنائكم. |
 |
والذي خلق الأصناف كلها من حيوان ونبات، وجعل لكم من السفن ما تركبون في البحر، ومن البهائم كالإبل والخيل والبغال والحمير ما تركبون في البر. |
 |
لكي تستووا على ظهور ما تركبون، ثم تذكروا نعمة ربكم إذا ركبتم عليه، وتقولوا: الحمد لله الذي سخر لنا هذا، وما كنا له مطيقين، ولتقولوا أيضًا: وإنا إلى ربنا بعد مماتنا لصائرون إليه راجعون. وفي هذا بيان أن الله المنعم على عباده بشتَّى النعم، هو المستحق للعبادة في كل حال. |
 |
|
 |
وجعل هؤلاء المشركون لله مِن خلقه نصيًبا، وذلك قولهم للملائكة: بنات الله. إن الإنسان لجحود لنعم ربه التي أنعم بها عليه، مظهر لجحوده وكفره يعدِّد المصائب، وينسى النعم. |
 |
بل أتزعمون- أيها الجاهلون- أن ربكم اتخذ مما يخلق بنات وأنتم لا ترضون ذلك لأنفسكم، وخصَّكم بالبنين فجعلهم لكم؟ وفي هذا توبيخ لهم. |
 |
وإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى التي نسبها للرحمن حين زعم أن الملائكة بنات الله صار وجهه مُسْوَدَّا من سوء البشارة بالأنثى، وهو حزين مملوء من الهم والكرب. (فكيف يرضون لله ما لا يرضونه لأنفسهم؟ تعالى الله وتقدَّس عما يقول الكافرون علوًا كبيرًا). |
 |
أتجترئون وتنسبون إلى الله تعالى مَن يُرَبَّى في الزينة، وهو في الجدال غير مبين لحجته؛ لأنوثته؟ |
 |
وجعل هؤلاء المشركون بالله الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا، أحَضَروا حالة خَلْقهم حتى يحكموا بأنهم إناث؟ ستُكتب شهادتهم، ويُسألون عنها في الآخرة. |
 |
وقال هؤلاء المشركون من قريش: لو شاء الرحمن ما عبدنا أحدًا من دونه، وهذه حجة باطلة، فقد أقام الله الحجة على العباد بإرسال الرسل وإنزال الكتب، فاحتجاجهم بالقضاء والقَدَر مِن أبطل الباطل مِن بعد إنذار الرسل لهم. ما لهم بحقيقة ما يقولون مِن ذلك مِن علم، وإنما يقولونه تخرُّصًا وكذبًا؛ لأنه لا خبر عندهم من الله بذلك ولا برهان. |